اخر عشرة مواضيع :        


العودة   منتديات جنّة الروح الأدبية > .,؛,. أدب الأرواح .,؛,. > جنّة البوح

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 02-11-2010, 05:28 PM
الصورة الرمزية شوق التلاقي
شوق التلاقي شوق التلاقي غير متصل
 

شوق التلاقي is an unknown quantity at this point
حمّالة الحطب وموسم الهجره الى الجنوب (قصه)

1\4


"



حمّالة الحطب




موسم الهجره الى الجنوب

يوم عُذري تفتحت شبابيكه على قطرات ندى إخترق عذرية الورد فأرسلت شذاها يستجدي مُتمنعاً. صباح فيروزي وكأن صوتها تعهد الوفاء للشروق،لا يزال أمامي مُتسع من الوقت لقراءة الصفحه الأخيره من ظلام البارح. هُناك قصص نكتبها، وهُناك قصص تَكتُبُنا. نحنُ من يصنع البدايه ولكن ليس لنا الحق في إخنيار النهايه هذه شروط اللعبه ، لعبه تُحرق أصابع الكبار ليلوكها الجميع بأسئله تملئها الريبه ، وما خُفي دائما أغظم .. نقضي عُمراً لنحارب من حولنا وكل مافينا يُصدقهم ،نعرف أن نظراتهم تُخفي أسوء مخاوفنا. نُنكر ذالك ولكننا بالأخير لا نملك إختيار نهايتها ..
تتثاءب بحياء فتتفح الرياحين على جنبات فيِّها.. تُعاود الكره بأهات مساء حزين فتغرق السماء بمطر من أثار عطرها الخجل ..ها أنا أجلس على سرير حملني داخلهُ بوفاء يفوق وفاء أصحابه .. لأكون أنا الراقصه أطهر من في حانة تبيع السُكره ليتسلى بها البعض ..!
لا أذكر بداية تلك الليله اللعينه ، ولا أذكر نهاية ليلتي أمس .. كيف أفيق الأن بعد ثلاث أشهُر من إِمتهان بيع الذات كُل ليله أحمل لهُم إبتسامه وتحملني شهقه على سرير جديد .. لا أعرف ماذا حل بي .؟ ماذا حل بأسطورة عدالة السماء .؟ سأفق هذه الوقفه عاريه أمام الملئ .. سأفق في زمان مخُتلف ومكان مُختلف يحمل كل الأماكن والأزمنه .. أغمضتُ عيناي ورمتُ قطعة القماش التي كادت أن تُواري سوأتي .. (يارب يارب أنت تعلم .. يارب يارب ..!) خجلتُ تخيُل هذا العُري لملت حسرتي سريعاَ ..

"ترف" أو كما سمتني أمي العسيريه جداً النقيه جداً " عفاف " ، أسمي الثاني أبتكرتهُ ليذكرني بأصلي فاليوم الذي قررت إلغاءه فأبى علي الإنسحاب .. أنا مازلت تلك العفاف ليشهد الله على أقوالي .. فلي من أسمي نصيب ولي من عسيري هبة ريح تحمل داخلها طُهر النساء وشموخ الرجال وتدين الشباب أحمل بداخلي أساطير الجن وأحمل بداخلي قسوة الحرث والنسل .. لم تخُني عسيري أنا من خُنتها .. أنا الخائن الوفي .. الهارب التائب ..

كُنت أغفوا على أصوات المطر وأصحوا على صوت الريح. أفيق أبحث عن نجمي هل أطل فأعقد صيامي أم أسرق من السماء دقائق عجله أكل فيها قرص أغمسهُ بالسمن والعسل ثم أجلس على عتبة البيت أنظر من بعيد لأرض حفرها أبي وهبها حياته أرض لا أعرف غيرها أرض تمدُ الدنيا بطحين الدُخن ليخبزنها النساء بحب .. فلا زاد لنا الا الحب معجون بحبات الهيل ..

ألله أكبر .. ألله أكبر .. لاإلاه الا الله ..
الصلاةُ خيرُ من النوم .. الصلاةُ خيرُ من النوم

يأتي صوت الجبال مُئوبه مع مُنادي الله ،ربطُة رأسي بقماش نظيف ربما أنظف من ثوبي فهو ما سأقابلهُ به رب العباد . أسجد بكل ما فيِّ ( اللهم تقبل صومي وأغفر لأمي أنها كانت من القانتات ).. يوم كغيره لا جديد أبي يذهب يُسابق المؤذن وكأنه يستعد لمسابقة السراط أما انا فـ أُعدُ إفطارنا "العريكه" وجبه دسمه هذا ما يأكُله المُزارع صباحاً فهو يحتاجهُ ، رائحة القريه فالصباح لذيذه .. تحمل هذا الوفاء للجسد .. الترف العزيز ما أجمل أن تأكل مازَّرعت وعصدتهُ يُمناك ماهذا الحب ..! يتجه كل قروي بعدها لأرضه ..

الأرض هذه القداسه التي لا يفهمها الساحليون . الأرض شرف كل من يحمل في قلبهِ أسم قريته ، لم نهربُ من القحط كما فعل أبناء القريه المجاوره هربوا للمدارس ألا لعنةُ الله عليهم ..! تركوا أرضهم للحمير الضاله تأكل مازرع أجدادهم .. تركوا ورثهم وشرفهم ليبنوا المدارس .. !

الا لعنةُ الله عليهم..! يبدء بعدها العمل أبي يحرث وانا خلفه انثُر الحبوب .. أُقلِبُها وأُقبلها أرمي قلبي معها ، ثم يحرس الأرض من الغربان السارقه بينما أحرس أنا البيتَ للضيف .. كل سنه يمر على قريتنا فوجُ الحُجاج وكل سنه نُكرمهم بنصف مانملك من الحبوب التي قضينا حياتنا ندعوا الله أن يهبنا إياها .. لهذا الموسم أعياد مُختلفه ، كرم لم يذقهُ الحضر لا يفهمون نشوة الكرم فـ أبي يحمل تحت إزارهِ حزام يشُدُ ظهره ويحفظ شرفه بداخله يدُس كيسان واحد للقمح وأخر للهيل إستعداداً لمفاجأت الضيف .. ذالك الضيف ربما لم يُغادر منزلهُ بعد فيستقبلهٌ أبي بقصيده ترحيبيه تتعدى قطرات السيل وحبات الهيل وألاف قُبلات الحب .. !



يتبع ..





التوقيع

انا ذنب ينظر الى السماء مـ ـنكسرا

ينحني الى أرضه شـ ــامخنا

يـ ـظن الجميع اني قويه
وأظن أنا اني هشه

اخر مواضيعي

رد مع اقتباس
قديم 02-11-2010, 05:29 PM   رقم المشاركة : [2]
شوق التلاقي
الصورة الرمزية شوق التلاقي
 

شوق التلاقي is an unknown quantity at this point
2\4

" بيت أّلـ لاقي عندهم ضيف " هكذا قُلن النساء .. ماهذا الفخر ضيف من قبيله شماليه بعيده لم نعلم بوجُودِها الا حين أستنجد ذالك الشيخ الكبير والدي فبعث خيرة مُحاربيه لهذا الأستدعاء العظيم .. لماذا والدي يذهب إلا أقصى الشمال ليلقى ذالك الكهل سيموتُ قبل أن يقربهُ أبي ..!! (لا تذهب أرجوك " ألم تسمعي الرجل طلبني كيف أرده يامرأه " أبي لمن تتركني وتترك الارض سيفترشها الأتراك ولن أملك منعهم" بل ستفعلين سأترك لك البندقيه والجنبيه في حال أقتربوا أعداء الله من أرضي " أبتاه ... " سأذهب غداً أستودعتُكِ عند عمك " مسفر " دخيلك يا أبي ليس ذالك الخرف " أنهُ رجل كفؤ أنتهى الكلام " )

هُنا بدءة قصتي ، انا بنت الخامسه عشر ربما أو نيف أُترك أمانه في ذمة الشيطان ، أنا وورث الأرض تُغطيها دموع الحسرات .. عسيريه معجونه بزبده جمال لا يُضاهينهُ تلك الباشاوات المُتكشفات .. جمال تحتاج أن تصل حدود الشمس لتراه .. عيون مُلونه كحلتها أنامل العجائزِ بعد إكتمال الأسبوع الأول ووشم تحت الشفاه يحتاج لقصائد لوصفه وشعر يلمع بلمعِ الحناء .. يٌحلي نسائها نقوش الفضه الثقيله دون تململ ويلبسن ألوان الحياه الزاهيه .. لا يُخفين جمالهن وشعورهن الحمراء المليئه برائحة الحنا والكاذي.

فجر مر كحُلم لا أذكر منه إلا رحيله .. كيف أصف لهُ وخزات قلبي حين تركني .. كيف أفسر لهُ تلك الوساوس " لن يعود .. لن يعود " أعوذ بالله من الشيطان " لن يعود " . وداعهُ بارد على أبواب قريه ترفعها السماء فيرتفع أهلها عن كل دنس .. لف حولي بندقه تحًسباُ لهجوم الترك .. همس ( أستودعتُ بكِ الله الذي لاتضيع ودائعه .. أنتي بنت ذياب لن تخذُلي أباكِ .. ) أنت من خذلتني رحلت مع البدوي .. ركب حصانه وسابق الريح .. كأنه لا يُريدني أن أشبع منه للمره الأخيره ، ذهب ..! تركني عند شايب متزوج من عاقر أبليس وحرُمُهُ .. كيف أصف هذه الليله كُنت أجلس على عتبة الباب أنظر من بعيد وأنشد دعائي .. أُغنيه عل الله يتقبلهُ مني بقبولٍ حسن ويُلبٍسُهُ لباساً حسناً..

يالله ياغفار سهل لنا كل الصعاب .. فكنا من كربةٍ مظلمٍ سردابها
مالنا غيرك ملاذٍ ولا دونك حجاب .. يرتجيك الخلق عدوانها وأحبابها
حي ياقيوم باسئلك بأم الكتاب ..حاجةٍ في كامن القلب وأنت أدرى بها

مع رحيل أبي بدء نوع أخر من المُعاناه لا تشبه كسرة موت أمي، وليست كتلك المفاجئه حين لم تُثمر الأرض قبل عام فعشنا مُعناة الفقر موسم كامل ولا تُشبه مُعاناتي مع المرض رمضان الماضي .. كانت مُعانات الذُل حين لم يحفظ أبليس أمانته .. كُنت أفيق كل فجر على ركلتهُ أو رفسه ليطير بعدها نومي الهادئ المُنهك. أفيق لأفرك له ولها فٌطورهما الذي لا أذوقه .. ثم أتوجه للأرض وأزرع وأحرث وأصرم أرضهم هم .. وأحلب الأبقار وأرج القرب لتفيض الزبده من جنباتها لهما أيضاَ وأنا أدعوا أن يعود لي عزتي وسندي. هي تقضي يومها في النميمه وتحاول إصلاح ما افسد الدهر وهو يذهب للتحطب ألا يخجل أن يزاحم النساء ! ينتهي يومي بسلسله من الشتائم والتنفلات المُتناثره ..

اليوم السابع بعد تسعة أشهر من رحيله ،هل الشمال بعيده لهذا الحد ..؟ تقول "عيده" التي ذهبت للحج العام الماضي ( أن الرحله إلى الشمال تأخذ سنه كامله بلا توقف لأن قبل الوصول للشمال بحر عظيم لا تُبحر سُفنهُ إلا نهاراً لأن الجن تسبح فالليل فإن تحركت السُفن ستبتلعها ) .. اللهم أكفيه شر الجن والأنس والذئاب.
كُل الأفكار تجتمع وتتحررك الصور في مُخلتي كومضات نور سريعه حينَما أُسند رأسي على وسادتي البارده من القش الخشن كم كانت حياتي جميله وهادئه وأحلامي صغره وساذجه .. لماذا هذا الهم العظيم ..؟ هل هو ذنب يعاقبني عليه الله تعالىّ ..؟ أين أذهب ..؟ أين أهرب وأختفي ..؟ لا تزال سيرة "سعديه" على كل لسان تلك اليتيمه الأرمل التي سكنت بيت شيخ القريه " معضد " بعد ما ترملت فتهمها الرجال بشرفها .. تسمعهم يتهامسن والأطفال يلحقونها بسُخريه .. فـ إخترقت صف الرجال في صلاة العصر لتُثبت خلو رحمها بقطعة قماش تحمل دم أحشائها .. و" هيليه" تلك الجميله حين عصت أهلها فحبسوها بأمر الشيخ حتى تفجرت كل عروق الشجاعه فهربت إلى البئر رأيتها وأرتعدت خائفه ماذا تفعل الكُل يعلم أنها مسجونه..؟ وأذا رؤها الرجال سيقتلونها بطلقه بارده ..! أقتربت مني وضمتني بكل حنان الأرض تركتني بقوه وذهبت لمثواها الأخير .. سمعت خبطة جسدها بماء البئر .. المسافه بين القفزه والصوت كانها دهر .. وقعت بعدها مغشية والنسوه حولي يقرأن الايات ويتهمون الجن بتلبُسي ..!

بعد صلاة الفجر عند مسجد القريه رجل بدوي غريب ينعى خبر وفاة والدي .. تلاهٌ أزدحام غير مسبوق وصوت نياح الجلبليات التي تهز أشجار التين .. " توفى شيبة الـ لاقي وترك وراه بنته المشؤومه الملبوسه بجني أسود وأرضه " لم تهمهم البنت ولا شؤمها ولا الجني بل الأرض .. هُنا معضلة مجتمع القريه كيف ترث بنت أرض من أراضي القريه المقدسه ..! الحل دائما تتزوج رجل من القريه ليحضى بشرف الأرض ..

كان أختيار الشيخ على " هاشم " رجل سبعيني مُتزوج ثلاث نساء يملك مال كثير وخير وفير كل القريه تصبح على صُراخ "عائشه" أو "فتحيه ". أمُهُ تقول أنهُ يضربهن ليصرُخن حتى يتباهى بفُحولته الكاذبه بعد أن سقطة صخره على حجره ففقد رجولته ، أما الأولى " نعيمه " فلا صوت لها ولا عين عمياء خرساء وربما مجنونه بعد أن ولدت طفلها في شهره السابع وعانت من صخونة النفاس فكواها المطوع حتى فقدت عقلها وسائت حالتها بعد موت مولودها ..

ها أنا أذن زوجة ثلاث نساء، أم ، وكهل ، كان زواجي رابع أيام عزاء أبي أذ لا أملك الحداد أكثر من ذالك .. لقتراب الحصاد وإثمار الطمع هذا الموسم .. زفوني من بيت " مسفر " إلى بنت " هاشم " وأنا أبكي بصمت والنساء يُصبرنني على مُصابي يُعزونني تاره ويُهنونني تاره .. فالقريه المرأه هي الأقوى والأعنف ، لكنها لا تحمل قوتها بذاتها بل برجُل يسنُدُها وإلا أصبحت مثل " سعديه و عيده وانا " لو كان أبي معي لما تجرء هذا الكهل بالنظر إلى وجهي ..ماهذا العُهر في قرية الملائكه .. بأي ذنبٍ قُتلت ..؟ ماهذه الثقوب فالأخلاق يرقعها الكلمات البراقه
"حفظ النسب حماية القوارير " وهم يتحاذفونني كسلعه .. كجاريه بأسم زوجه بيعت في سوق الرقْ ..؟

الدم الهائج يُحرق عُروقي ، وغبار يخنقني فأجر الهواء لصدري بعُنف ، وملح عيناي يُغرقُها ، وضميري ينوح حالي ، ولم يبقى من أرواحي السبعه الا نصف روح تسكُن غار جسدي .. في رابع يوم من موت أعظم رجال القريه تُغطى كفوفي بالخضاب ..!
وصلنا داره .. وصوت الغطاريف والقصائد تكتب الحُب والحنين ويستقبلُها سمعي بالسكين .. أبي تركت لي بندقيه أخترق بها رأس الأتراك ولم تترك لي خنجر مسموم أطعن به من يُدنس عرضك من أبناء جلدتك .. يقف " هاشم " ويُلقي علي قصيدة أستقبالي بداره

هلا بالصدفه اللي كنها من نورها شمسي
عدد ما هلت امطار وتهاوت مــن سحايبها
يمين الوقت جادت والبخت في منزلي ممسي
اثــــر بعض الصدف تجري ولا يمديني احسبها

أدخلنني النساء الثلاث مخدعي .. وغطينني بالياسمين والكاذي وزرعن الرياحين بصدري .. كانت " شريفه " قد أعدت جسدي لأستقبال أعياد النشوه .. أيُ نشوه .. نشوة الدموع .. أم نشوة الرعشات ..؟ إين أنتِ أماه لتُهديني أخر فصول التربيه .. في موضوع نتجاهلهُ ونعصرهُ على مسامع عروس ترتجف بليله وحشيه ..؟ أين أنت أبتاه لتُودعُني بدعاء وكفوف تمسح جبيني البارد هلعاً.. ؟

كان الزواج فاخر يليق بأثرياء القريه .. وزّع اللحم والتين والخوخ على بيوت القريه .. كُن النساء يلعبن ويُدوزن الكذب على قوافي الألم .. فيُرُد شاعر الرجال بنفاق عاهر لينثر الجميع مافي جيوبهم له .. الكل مُبتهج .. قريه كامله باعتني بدّيه زهيده .. ونصل سكينهم تفتق روحي .. !
" هاشم " ذاك الثور الضال أنقض علي فلم أملك الا أن اخلع الباب وأنفر أركض وأركض وسط الظلام وأقدامي الحافيه تنثر خلفي قطرات الدم أمشي وأمسح أثار أقدامي فلا شئ أعودُ له ..! لا أعرف اين وصلت وكيف أنقطعت بي السُبل في جبال الجنوب ، لم أقف حتى بزغ النور وأنا أصرخ وأستنجد بالجبال الخرساء واشجار السدر المُتناثره ، وأغني ألمي وتعبي أهزوجه عل مارد من الجن يسمعُها فيملك حميه تفوق حمية بني جلدتي ..!


يتبع ..


التوقيع

انا ذنب ينظر الى السماء مـ ـنكسرا

ينحني الى أرضه شـ ــامخنا

يـ ـظن الجميع اني قويه
وأظن أنا اني هشه
شوق التلاقي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-11-2010, 05:29 PM   رقم المشاركة : [3]
شوق التلاقي
الصورة الرمزية شوق التلاقي
 

شوق التلاقي is an unknown quantity at this point
3\4
رمتني السُبل على قريه صغيره " تهاميه " جلودهم السمراء ولهجتهم الصعبه ونظراتهم الحاده أخافتني .. حاولت الفلات من هذا القدر اللعين فلم أملك الا أن أرتمي بين مزارع القمح من التعب ، أقترب مني فوج من الرجال .. كُل ما اذكر قوله قبيل إغمائي هو " أتقوا الله فيّاَ " أفقت بعدها لأجد نفسي في دار عجوز وهي تقرأ على جبهتي وتُسقيني ماء مخلوط بعسل .. ( إهدئي يابنتي .. فأنتي بين أهلك وأن شاء الله لن تجدي الا ما يُرضيكِ " .. " ماقصتك ..؟ علي أن أُساعدك ..؟ " " أنااا .. أناااا.. " حسناُ هدئي الأن ..).

قضيت في بيت الــ فايع مايُقارب الأسبوع بهدوء تام ودموع صامته وتطبيب روحي من قبل العجوز " أم محسن ". كانت الأم التي لم تلدني أخرجتني من دوامات الهلع وتعهدت بحفظي كما تحفظ شرف أبنتها " عفره " كُنت محبوسه في دارهم بين حضنها وقصصها وقصائدها .. الوطن هو أرض الأمومه وليس أرض السكن .. هي كانت فضائي المُتسع وملجئي من بعيداً عن فيافي الجوارح ..

بعد أسبوع أقامت على ذبح أحدى التيوس ودعت عليه نساء القريه ورجالها إحتفالاُ بالضيف .. كُنت خجله خائفه ولكنهن أحتفين بي وفرحن بوجودي وحدها " عتيقه " كانت وجله تدور حولي بخيوط العنكبوت لتُقعني في شِباك إعترافاتي .. كانت تسأل وتُعيد السؤال لاحقا ثم تتهمني إن غيرتُ أقوالي ..! من أنتي كيف وصلتي هُنا ..؟ وجوابي الثابت المُختصر لا يتغير كما حذرتني " أم محسن " ( انا ترف من قريه بعيده أبي سافر الشمال ومات بالطريق وانا ضعت ووصلت عندكم ).

أشهُري الثلاث في هذه القريه البعيده كبُعد النجم و القريبه كلتصاق الروح كانت أسعد أيام حياتي .. عادت لي جذور الطمئنينّه المُمتده بالأرض .. كانت مُختلفه بالتفصيل مع قريتي الجبليه مُتشابهه بالجمله مع الحياه الجنوبيه .. كُنت أرعى الغنم وأطرح القصب ليأكلهُ البقر ثم أذهب للسقايه وأساعدهن على التنور وتخزين الحبوب ..

كأني وُلدتُ هنا دفئ الناس وحرارة الشمس مُريحه .. وأرض أرتبط بقائهم بها بوجود المطر على عكس قريتي التي تُحاصرها العيون وتتفجر المياه بكل فدان.. بيوم من أيامهم الحاره عاد فوج من أبناء القريه كانو يعملون بالمُدن عند الحجاج ويعودون بقصص مُخيفه عنهم كانو يلبسون مايُبدي عورتهم ..! ويأكلون بالحديد ويحملون مربعات حديديه يتكلم بداخلها الجن والأهم والأفضع أنهم يُدنسون بيوتهم ..!
أتى من المدينه البعيده 5 رجال أحدهم " مُحسن " أبن الـ فايع الذين سكنتُ دارهم ومعهم رجال بدوي غريب " مطرف " كان كلامهُ قاسياً حاد بحدة الصحراء وجفاف الترحال .. أتى بكلام جديد وتهديد ووعيد وأيات قرأنيه لم نسمعها. قال "مطرف" إن النساء يجب أن يقرُرن ببيوتهن وإلا سيحل عليكم عذاب الصاعقه تلى أيات لم نسمعها تحمل لحن القرأن الذي نعرف لكن بمعاني مُختلفه .

وافقهُ المطوع ثم الشيخ ثم رجال القريه فبدأن النساء بعتزال المزارع والجلوس بالبيت لأيام لا تسمع فيها الا صراخ الأطفال من الملل .. وحدها أم محسن رفضت كلام "مطرف" ووقفت على صخره تشقُ أرضها لتُهدده بالبقاء بعيداً وإلا شجّ محسن رأسهُ بطلقه إما يعودُ بها عقله وإما يذهب به إبليس الا جهم .. صرخ "الشيخ" بها أنها كافره ولا تخاف رب العباد الذي سيرميها من صخرتها تلك بصاعقه من السماء .. ! نزلت "أم محسن" بكل شجاعه من صخرتها على صوت غطاريفي انا عفره بلا صاعقه ولا رجفه .. !!

بعد تلك الحادثه أنتشر اتهام "مطرف "لنا بأننا " حمالات الحطب " وأن جيدنا يحمل عقدُ من بلد وأننا سنصلى ناراً ذات لهب .. وزاد هذا الأتهام بعد أن توفى الله " عفره " حين وقعت في نبع ماء وغرقت .. كانت "أم محسن" تقول ( إبنتي ماتت شهيده لكن مطرف ورجاله سيموتون كذباُ ليُمجدو أنفسم) .. ساءت حالُنا حين أنتهى الموسم ولم يشتري أحد حصادنا نحنُ حمالات الحطب ..

سنتي تلك كأنها فرت من تقويم جهنم أشار مُحسن أن نذهب معه إلى الظهران .. مدينه بعيده نبدء بها من جديد وندع أساطير تفاسيرهم لدين الله .. كانت الرحله مُضنيه شاقه وقاسيه بقساوة غصة هزيمة الرحيل .. ودعتنا تفلات المُنتصرين .. الرياح هي الأُخرى تطرنا من قريه كانت أمنه مُطمئنه فأتاها بأسُ الله من كل باب .. وحدها أم محسن وقفت للمره الأخيره على أعتاب قريه تخلت عنها دون أن تتبين من نبئ الفاسق ..! " حسبي الله ونعم الوكيل .. حسبي الله ونعم الوكيل " ثم رحلنا ..

وصلنا لمدينه صغيره في أقصى الشرق تقع على بحر ضخم ومالح .. هادئ تنتثر منهُ السُفن لتعود مُحمله بالمُرجان والأسماك .. مدينه تستظل تحت النخل وتنام هادئه بليلها البارد .. وصاخبه بالغُرب والعجم .. لا أحد يملك أرض هُنا ولا أحد يعرف الأخر ولا يُهم من أنت أبدء حياتك كما شئت ..!

يتبع ..


التوقيع

انا ذنب ينظر الى السماء مـ ـنكسرا

ينحني الى أرضه شـ ــامخنا

يـ ـظن الجميع اني قويه
وأظن أنا اني هشه
شوق التلاقي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-11-2010, 05:30 PM   رقم المشاركة : [4]
شوق التلاقي
الصورة الرمزية شوق التلاقي
 

شوق التلاقي is an unknown quantity at this point
4\4
النساء هُنا يلبسن السواد ويحُجبن رؤسهُن ويحتجن حياة الرجال ، بعكس الجنوب .. بدأنا حياه أخرى محسن يعمل عند العجم يغيب الأسبوع كامل ويعود الجمعه والسبت وأنا وأم محسن نعمل بالخياطه ونبيع ، ما أصعب أن يتخلى القروي عن عمله ويعمل مايعمله "الصُناع" .. بعد أن استقرينا عرض علي محسن الزواج منه .. كان شاب رائع رجل قروي يحمل هبة العسير و الجمال التهامي .. طباعهُ مُريحه وصوتهُ العميق الهادئ يوقض الأنثى داخلي كل صباح إما بأدعيه أو قصائد غزليه ..

معك التحيه يانسيم الجنوبي .. ضم بحنانك لين العود ثلاب
بالهون ضمه يالطيف الهبوبي .. لا تزعج عيونِ شكت طول الأهداب
تلقاه واقف بين هاك الدروبي .. في هضبة ياما تناجى بها أحباب

سكن قلبي وروحي وأقصى أمنياتي .. كان زواجي وعشيقي وماتبقى لي بعد موت أم محسن قُبيل زواجنا .. أستمر زواجُنا مايقارب العام حتى وصلتنا قصيده على لسان شاعر جنوبي أسمهُ " هاشم " يحكي عن زوجتهُ "المشؤمه "الملبوسه بجني أسود التي قتلت عدد من حيوانات القريه وشربة دمها .. ! كان محسن يمنعني من الخروج أو التعرف على النساء حتى لا أسمع القصيده ..

حين ودع النور سماء ذالك اليوم أقترب فوج من رجال الظهران ومعهم سكاكين وسيوف ليقتلو المشؤمه بعد أن أفشت سرها لأمرأه واحده وهي بدورها لم تتحمل صدمة ان جارتها ملبوسه بجني أسود .. كُنتُ أغلق الباب بكل قوتي وأصرخ بمحسن كي يهرُب .. فدفعني محسن بعد أن أخرج بندقيته وأطلقها في كبد السماء لأهرب أنا ..! ويلقى ربهُ بتلك اليله اللعينه .. بعد أن حاربتهُ قريتهُ لأن أمهُ حمالت الحطب وهاهي الأن تقتلهُ المدينه لأن زوجتهُ ملبوسه ..!

كل دروبي السعيده تحمل تفرُعات الحزن وكل لقاء يسبقهُ ألم يستحل أطرافي حتى أرفع رأسي عالياً وأقسم على الله أن تزورني منيتي أو أن يخلع عني عقلي كما خلعتُ من طينتي طُهري ..

رفعت رأسي من وسادتي بعد أن أنهكتني الذكريات .. دخل علي " منصور " أبتسم فعصرتُ لهُ إبتسامه صفراء .. خطف من شفتاي قُبله وضمني بشبق حتى أحسست بإعتصار الدم بنهدي .. (" شخبارك ترف ..؟ " الحمد لله " اليوم عندنا سهره في قصر الشيخ عبد العزيز أبيك تبهرينهم " ان شاء الله " هو وعد بكل الي يرضيك ويرضينا " ). لمعة عيناه ودمعة عيناي حين ذكر المال ..! لملمت حسراتي ولبست فستان رائع جدا فاضح جداً لأغريهم ..

أبهرهم بطهر النور الجنوبي وصدق مأساة اليُتم .. حين رحلت أمي بعد تلك النغزه من فراشها حينَ حلُمت أن مايسكُن أحشائها قطعة دم فينتفخ بطنها حد الأنفجار لتستسقظ وهي تصرُخ فيقرأ أبي عليها مايحفظ من المُعوذات ، فتليها صرخة طفله فقدت للتو أمها وتتبعها إهانات المساء الحزين حين خسف الله القمر فعتكف أبي فالمسجد أسبوع وتمنع من رؤية طفلة الخسف "المشؤمه "..

المشؤمه .. تجلس الأن على كُرسي لتصبغ وجهها بمكياج بعد أن فقدت أباها الذي قَتل ثلاث أتراك بطلقه واحده من بندقيه غير محشوه بعد أن همس " بسم الله " فتساقط الأتراك الثلاثه من صوت طلقة بندقيه فارغه ..! فكان لهُ شرف القتال ضد العباسين في الشمال حين أستدعاه شيخ شمالي أراد بركة المُجاهد الجنوبي ..

بنت الشهيد تلبس فستان أحمر يتفتق عند ردفها المُكتنز .. فتهزهُ بترف لينثُر خونة الشرف والوطن المال تحت أقدامها .. !

تمت .


23 صفر ،1431


التوقيع

انا ذنب ينظر الى السماء مـ ـنكسرا

ينحني الى أرضه شـ ــامخنا

يـ ـظن الجميع اني قويه
وأظن أنا اني هشه
شوق التلاقي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2010, 06:53 AM   رقم المشاركة : [5]
شوق التلاقي
الصورة الرمزية شوق التلاقي
 

شوق التلاقي is an unknown quantity at this point
معقول ولا رد ..؟؟
هل مستواها بهذا الضعف .؟؟


التوقيع

انا ذنب ينظر الى السماء مـ ـنكسرا

ينحني الى أرضه شـ ــامخنا

يـ ـظن الجميع اني قويه
وأظن أنا اني هشه
شوق التلاقي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2010, 07:13 PM   رقم المشاركة : [6]
جزء من حلم
..[المستشارين]..
الصورة الرمزية جزء من حلم
 

جزء من حلم is an unknown quantity at this point
لا ورب الكعبه


التوقيع



لا اعلم الى اي افق يكون الشكر عظيما فأهديه


جزء من حلم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-16-2010, 07:23 PM   رقم المشاركة : [7]
جزء من حلم
..[المستشارين]..
الصورة الرمزية جزء من حلم
 

جزء من حلم is an unknown quantity at this point
بل الجمال في بحر عينيها تيها لا نعود منه
استبرق تغمره الجواهر
وكالبرق من مثقلات الغيث بالمطر

منظومة فكريه رائعه ودلالات الوصف تيه الربان والسَفَن قارئك وماملكت مشاعره

اعذب الشكر المُطعّم بياقوت التبجيل


التوقيع



لا اعلم الى اي افق يكون الشكر عظيما فأهديه


جزء من حلم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 02-18-2010, 05:49 PM   رقم المشاركة : [8]
شوق التلاقي
الصورة الرمزية شوق التلاقي
 

شوق التلاقي is an unknown quantity at this point

جزء من حلم أيها الراقي
كم أسعدتني هذه القراءه للنص والتحليل من عين قارئ مُبدع
كل الأمكان مازالت تحمل نحت أقدام الأوائل التي تنطبق على سُكانها الجدد ..!
وكأن الزمن مُجرد رقم يُضاف على التقويم دون أن ينخُل تلك الأوهام من عقولنا ..

×

مسفر وهاشم والشيخ والمطوع .. كلهم شخوص موجوده بواقعنا
يتقاذفون النساء بأسم الدين والشرف

كم أخجلتني كلماتك الراقيه



التوقيع

انا ذنب ينظر الى السماء مـ ـنكسرا

ينحني الى أرضه شـ ــامخنا

يـ ـظن الجميع اني قويه
وأظن أنا اني هشه
شوق التلاقي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-25-2011, 10:23 AM   رقم المشاركة : [9]
تركي
الصورة الرمزية تركي
 

تركي is an unknown quantity at this point
شوقي التلاقي

ورب البيت

مبدعة

اينك انتي من الصحف والمجالات الادبية

قصة تسكن الروح مثلما تسكن العصافير

الاشجار في زمن المواسم

وربي البيت رائعة واكثر

وعد ان احتفظ بها القصة ما بقيت

لانها فيها شي من واقعنا وحياتنا

اينما كنا ...


التوقيع






الجسد حقيبة سفر, لكن القلب طائر ليلي مدجج بالحنين
يغافلك ليطير دائما صوب الوطن وصوب الحبيب ...!!
تركي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:34 PM.

..[ جميع الآراء والأفكار المطروحة تعبّر عن كاتبها , ونحن كـ إدارة نخلي مسؤوليتنا ]..

Powered by vBulletin® Version 3.6.7