اخر عشرة مواضيع :        


العودة   منتديات جنّة الروح الأدبية > .,؛,. أدب الأرواح .,؛,. > جنّة الكتب

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 12-21-2007, 10:16 AM
الصورة الرمزية أشياء
أشياء أشياء غير متصل
نائمة !
 


أشياء is an unknown quantity at this point
Icon1 إذ العينُ تقرأ ..!



*

.

*


بتأكيد ستبرُد ْالقهوة .. لكنهّا لنْ تغضبْ..!
فهي أصبحتْ عادة تُرافقْ الصُحفْ .. والقراءة .
هُنا سأحصِر ما يقرأهُ صباحيّ\مسائي منْ مقالاتْ .. و نصوصْ أدبية





اخر مواضيعي

رد مع اقتباس
قديم 12-21-2007, 10:39 AM   رقم المشاركة : [2]
أشياء
نائمة !
الصورة الرمزية أشياء
 

أشياء is an unknown quantity at this point





مدارات - زيارة الى البحر الميت – 1
أدونيس الحياة - 13/12/07//

(6-12-2007)

- 1 –

صباحاً،

قبل أن أقرأ أية جريدة من جرائد عمّان الصباحية، وقبل أن أمضي، برفقة صديقي حيدر وإيمان، الى زيارة البحر الميت، أخذتُ وردة وقبّلتُها:

لم يكن للوردة شفتان.

كان لها عنقٌ ينحني على طفلٍ، قُتِل صباحاً

في الجهة الثانية من هذا البحر.

- 2 –

صديقي الذي لم أره منذ خمسين عاماً، والتقيتُه في عمّان، قال لي في أثناء حديثنا كلاماً غامِضاً يمكن أن أترجمه كما يلي:

سوف ترى خوذاً تجلس على رؤوس الشجر،

سوف ترى أمجاداً وحصوناً ليست إلا كلمات في

قواميس الريح،

سوف ترى كيف يصيرُ الدمُ اسماً لآدم.

- 3 –

خيطٌ أوهَنُ من بيتِ عنكبوتٍ

يُؤَرجِحُ رأس الواقع.

- 4 –

تَسيرُ القَهْقَرى – فيما يُخيَّلُ إليكَ

أنّك تَسيرُ الى الأمام.

- 5 –

رائحةُ عشبٍ برّيٍ

تحمله نِياقٌ نحيلةٌ، وحُبْلى.

- 6 –

تِلالٌ – جِمَالٌ سوداء.

- 7 –

ماذا مضى منكَ، أيّها الماضي؟

ما هذه الغُرف العالية على ضِفافكَ؟

ما هذه السلالِمُ التي تقطر دماً؟

ومَنْ أولئك الذين لا يتوقفون عن الحركة – صُعداً، هُبوطاً؟

- 8 –

أحياءُ يعجنون الموتى ويخبزونهم.

- 9 –

أيتها الطريق، أقول عنكِ شيئاً، أقول أشياء.

لكن، وشوِشي من يعبرون عليكٍ

أن يفهموا شيئاً آخر.

- 10 –

زمنٌ – ضيفٌ على الغُبار.

- 11 –

في الطريق الى البحر الميت

سمعتُ كل شيءٍ يقول:

كلاّ، لم أعد أريد مجداً،

لم أعد أريد تاريخاً.

أريد أن أحيا.

- 12 –

غيّر طريقَك، غيّر موضعكَ

ستجد نفسك دائماً

كأنَّك تطوفُ بين جدرانِ شمسٍ سوداء.

- 13 –

الهواءُ نفسه جدارٌ، ولا ثُقبَ فيه.

- 14 –

تبكي الأشجارُ والنباتاتُ

ويضحك الوقت.

- 15 –

ارقصي، أيتها الشمس، ما شئتِ

في غاباتِ الحجر الأسود،

لكن، أرجوكِ أن تهزّي إليكِ

بِجُذوعِ أحزاني –

بين ذراعيَّ يئِنُّ جسَدُ الأرض،

في رأسي تتموّجُ الكارثة.

- 16 –

كلا، - لا صَمتُ الحياة هو الذي يقول الحقيقة،

بل صمتُ الموت. وحدَهُ.

- 17 –

في ما لا يُمكن فهمه

أجدُ غالباً المادة اللازمة

التي تُساعدني على الفَهْم.

- 18 –

حسناً. غَيِّري علاقتي بالموتِ، أيتها الحياة،

لكن، خذيني أولاً بين ذراعيكِ.

- 19 –

وضعنا أسلافنا حيث يتعذَّر النُّطقُ إلاّ بالحق،

هكذا نعيش رازحينَ تحت ثِقَلِ أخطائهم

في ظلامٍ شامل.

- 20 –

أيتها البلاد التي أنتمي إليها،

قلتُ مرة عنكِ:

أنتِ البلاد الوحيدةُ التي لا أعرفها،

ولم أُخطئ.

- 21 –

هنا، هنالك،

لا ثقافة إلا ثقافَةُ الأَثَر.

- 22 –

الكلماتُ التي تتحدّث عن الألوهة،

تعيشُ في رعب دائم.

مهما صرخَ عالياً، فلن يسمعه أحد:

هيمنَ صراخه عليه،

ولم يعد يعرف أن يتكلَّم.

- 23 –

لم يحدث مرّةً أن اتّفقتُ مع ظلّي

كمثل ما اتفقنا

في زيارة البحر الميت.

- 24 –

دخلتُ في طقس البحر الميت

حاملاً أسئلتي

وخرجتُ حاملاً جراحي.

- 25 –

نستطيع أن نقشرَ المعنى كما نقشر البصلة،

لكن، كيف نستطيع أن نقشرَ الكلمات؟

- 26 –

من زمنٍ،

يبحث اليبابُ عن قارئ أخضر.

- 27 –

طيورٌ من الورق،

وأخرى بلاستيكية،

تتطايَرُ في رعاية الشمس.

- 28 –

الماء يلبس قميصاً من النار.

- 29 –

هنا، في البحر الميت،

تسبح الشمس كل يوم

بخُفّها الأحمر، بثيابها الحُمرِ كلها،

وبالقلنسوة الحمراء ذاتها، تلك التي تُغطي شعرها

منذ بدء الخليقة.

- 30 –

أسجْد، أيها القمر،

لهذا الفَلَكِ الذي ينطمِسُ فيه المعنى.

- 13 –

أمامَ كل زهرةٍ كمين.

- 32 –

هنا، تسكنُ الذاكرة العربية في بيتٍ من الملح.

- 33 –

بقلم رصاصٍ

ترسم يدُ الهواء ورداً أسود

على جسد البحر الميت.

- 34 –

النَّعشُ دائرٌ

وفي يد السماء مسمارُ الموت.

- 35 –

شُبّاكٌ لبيع تذاكر السفر

الى ما بعد التاريخ.

- 36 –

نكادُ أن نُحوّل العلاقة بتراثنا الى نوعٍ من الفضول: لا يُثير فينا إلا رغبة سياحية: رغبة القيام برحلةٍ الى الماضي.

- 37 –

كان باسكال يصف ديكارت قائلاً: «إنه مُريبٌ ولا جدوى منه.

وكان روسو يقول عن فولتير، وديدرو، وهيوم، إنهم «فاسدون، دَسّاسون».

وكان نيتشه يصف الفيلسوف بأنه «سيّد المجرمين».

وكان فيتجنشتاين يقول عن الميتافيزيقا إنها «هُراءٌ محض».

وكان دولوز يقول (في رسالةٍ الى صديقه آلان باديو): «لا أحتاجُ الى فكرة الحقيقة».

هذه بعضُ الأقوالٍ التي استعدتُها في طريق العودة من البحر الميت الى عمّان...


الخيمة


ذكَّرتني زيارة البحر الميت بخيمة الجماهيرية الليبية العظمى التي أمرَ بنَصبها في حديقة أوتيل مارينيي في باريس، حيث يقيم ضيوف فرنسا، مُرشدُ الجماهيرية الليبية وقائد ثورتها.

إن كانت هذه الخيمة توكيداً على التمسّك بتقليدٍ عريق، فمن حقّ هذا التقليد أن يسأل القائد المرشد:

لماذا لا تنصب هذه الخيمة في كل بلدة وكل قرية في ليبيا، لكي يُصغي القائد المرشد الى شعبه – في ما يقلقه، وفي ما يطمئنه؟

ومن حق هذا التقليد أن يسأل أيضاً:

لماذا لا تُنصَبُ هذه الخيمة للفقراء والأميين العرب والعاطلين عن العمل، والمضطهدين، المنبوذين، المهمشين؟

ومن حق هذا التقليد أيضاً أن يسأل:

لماذا إذاً لا يسافر القائد الرشيد بالطرق التي كان يسافر بها أصحاب هذا التقليد، احتراماً لهم وتيمناً بهم – في قافلة من الجِمال، أو من السفن؟

ولماذا إذاً هذا الحشد المرافق الهائل: مئتان، أو ثلاثمئة، أو اربعمئة شخص، وأربع أو خمس طائرات خاصة لكي تحملهم وتنقل أمتعتهم؟

لماذا إذاً لا يستقبل أعضاء الجمعية التشريعية الفرنسية في هذه الخيمة، بدلاً من الذهاب إليهم؟

ولماذا يذهب الى فندق ريتز لمقابلة شخصيات ثقافية، وشخصيات نسائية بارزة؟ أليست الخيمة أَولى بهؤلاء من هذا الفندق؟

مسكينةٌ هذه الخيمة، وما أشقى ذلك الرَّمْزَ الذي يُسنَد إليها.

بلى، أسمع الخيمة نفسها تَغضبُ وتحتجُ،

بلى، ألمح الخيمة نفسها تبكي.




أشياء غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-21-2007, 10:42 PM   رقم المشاركة : [3]
بندر العتيبي
[ ضد ..! ]
 

بندر العتيبي is an unknown quantity at this point

رائع ماوقعت عليه عينك اليوم ..

متابع ..صباحكـ / مساؤكـ



التوقيع



لـ غواية العشق الأبله .. عورة مكشوفة ..!

بندر العتيبي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-22-2007, 06:22 AM   رقم المشاركة : [4]
دايس محمد
.. زنديق ..
الصورة الرمزية دايس محمد
 

دايس محمد is an unknown quantity at this point
Icon7

غواية القراءة ، في كل صباح ٍ لهكذا أشياء .!
لعمري غواية ٌ ممتعة .!

!

أشياء !
و كفى .!


التوقيع

هو الجوع أكبر آبائنا الثائرين
و من كان هذا أبوه
تغلب فيه الجموح !

!

و لست أخاف العواقب فيما أقول
فإن الشهادة من أجل قول ٍ جريء ٍ.. و معتقد ٍ
قبة ٌ و ضريح
إذا كان بعض ٌ يفكر في النيل مني
فهذا أنا
لست أملك إلا القميص الذي فوق جلدي
و قلبي وراء القميص يلوح
خبرت الخليقة سطحاً .. و عمقاً .. و طولاً .. وعرضا
فكان أكبر درس ٍ تلقيته
أن أكون فصيح المحبة ِ و الحقد ِ
فالعقل زيف ٌ صريح ! *



* م . النواب


الحياة : خيال الله و مأزق الإنسان !
دايس محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-27-2007, 03:33 AM   رقم المشاركة : [5]
معجب الشمري
الصورة الرمزية معجب الشمري
 

معجب الشمري is an unknown quantity at this point

أشياء...
ويتسرب الحرف جنوناً..!!
كوني هنا يامسك..!!
:
:
:


معجب الشمري غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-28-2007, 01:41 PM   رقم المشاركة : [6]
ice
.. الحـمدلله ..
الصورة الرمزية ice
 

ice is an unknown quantity at this point



_ أشيـــاء
استمــري .. استمري ..
أكثر من جمــيل والله !


التوقيع





_ ياربّ لاتكلنـي إلى نفسـي فـ أعجز ..
وَ لا إالـى الناس فـ أضيع !! }
ice غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 12-28-2007, 03:29 PM   رقم المشاركة : [7]
سجود
حنجرةٌ تالفةٌ ،
الصورة الرمزية سجود
 

سجود is an unknown quantity at this point
.


رائع ..
متابعة لـِ ذائقتكِ الصباحية /المسائية


.


سجود غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-03-2008, 01:06 AM   رقم المشاركة : [8]
أشياء
نائمة !
الصورة الرمزية أشياء
 

أشياء is an unknown quantity at this point



بندر العتيبي .. إعدام ميت .. معجب الشمري ..ice .. سجود



في أرواحكم سكينة تغمُر المكان

دُمتم




*

.

*


أشياء غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-03-2008, 01:10 AM   رقم المشاركة : [9]
أشياء
نائمة !
الصورة الرمزية أشياء
 

أشياء is an unknown quantity at this point
الرسم
نيقولاي ريريخ
عن الروسية: وضاح يوسف الحلو
جريدة النهار
الأحد 02 أيلول 2007



كان شعره بلون الفضة القديمة. وكانت التجاعيد العميقة المتقاطعة تغضّن وجهه، ونظراته المتأملة متجهة الى ذاته. سار في الشارع ببطء. سار متكئاً على عكازه الى أن سمع صوت طفل يصرخ به:
- لا تدعس على الرسم!
توقف الفنان. في الأسفل وبالقرب من مؤخرة عكازه، انداح عالم آخر، عالم رائع قائم في ذاته. في المقابل، كانت صبية صغيرة ترسم بالطباشير على الرصيف، وصبي نمِش يحرس رسوماتها:
- أيها الجد، اسلك الجانب الآخر، رجاه الصبي، الاّ ان الفنان لم يذهب. كانت الطفلة ترسم طفلة أخرى لها أصابع كثيرة وعينان كبيرتان مستديرتان، وأهداب تشبه الشعاع، وشريط عقد على شكل فراشة. بالقرب من الطفلة خرابيش تمثل صورة جرو كلب مرفوع الخطم الى أعلى، وأرنبة أنفه تشبه زراً ابيض صغيراً، أما على بطنه فامتد سطر طويل من الأزرار.
- ولماذا هذه الأزرار؟
توقفت الطفلة عن الرسم ثم نظرت الى فوق. تهيأ لها أن الفنان الشائب الحاجبين والشعر قد رسم أيضا بالطباشير. أجابت الطفلة مبتسمة: لكي يزرّر جلده.
- آه هكذا اذاً! قال الفنان متأملاً وهو يتكئ على عكازه أكثر حتى يرى بشكل أوضح.
كان الناس يمرّون بلا مبالاة حول الصبي النمِش، والفنان والطفلة التي كانت ترسم على الرصيف. كانوا يمرون من دون رؤية العالم الجديد الذي ولد عند أقدامهم. أما الفنان فكان ينظر بتأمل وإعجاب شديدين: ما أوسع صفاء الطبيعة الطفلية لدى هذه الطفلة في نظرتها الى العالم.
بدأت العينان المداعبتان المرحتان بالضحك من خلال الأهداب التي رُسمت بالطباشير على هيئة شعاع، ولاحت الصورة المرسومة كأنما تغمز الفنان. بدت الحياة المتدفقة على الرصيف كأنها ستجرف خلال لحظة معها هذه الرسومات.
انحنى الفنان على الطفلة وسألها:
- هل جرو الكلب يعضّ؟
- يعضّ. انه يعضّ. هتفت الطفلة برغبة عارمة كي تخيفه. وفجأة سحبت يدها بسرعة، خائفةً، كأنها صدّقت نفسها. أواه، لقد عضّني في إصبعي.
أخذ الفنان يد الطفلة في راحته. ضيّق عينيه، وأخذ ينظر الى أصابعها البارزة والملوثة بالطباشير. هزّ رأسه وقال:
- آه. انها لعضّة عميقة!
سحبت الطفلة يدها وضحكت ضحكة رنانة: لقد كذبتُ عليك، كذبتُ عليك. ثم انحنت لتواصل الرسم بالطباشير.
هتف الفنان ساخطاً على اثنين من المارة:
- الرسوم، ألم تشاهدا الرسوم؟!
لاحظت الطفلة سخط الفنان العجوز فخاطبته مندهشة:
- لا بأس أيها الجد. في الإمكان إعادة رسمها جميعاً من جديد.
ضغط الفنان على الأرض بعكازه وهو يتكئ عليه ثم سار مبتعداً.
عاد الى البيت في وقت أبكر من المعتاد. صعد الى محترفه وتوقف أمام صورته التي رسمها بريشته وكانت معلّقة على الحائط. ومن اللوحة كان شبيه الفنان ينظر اليه حاملاً الريشة. لاحت صورة الفنان كأنما تتحرك، وتهيأ له أن اليد التي تحمل الريشة ستنزل بالريشة على اللوحة. في تلك الأثناء كان كل من الفنان وصورته يحملان ريشة. نظرا أحدهما الى الآخر الى وضع الفنان الريشة ثم جال ببصره في المحترف.
كانت إحدى اللوحات تلمع من تحت اللوح الزجاجي، وحينما دنا منها كي يتمكن من رؤيتها بوضوح أكثر، رأى خلالها انعكاس صورته تدنو منه متضخمة. ابتسم الفنان وابتسم له انعكاس صورته أيضا. مهما يكن، فلقد أصبحت عجوزاً. فكر الفنان وهو يلمس شعره الشائب وتذكّر كلمات الطفلة
: يمكن إعادة رسمها جميعاً من جديد.
علت وجه الفنان ابتسامة ماكرة: يغضبون، ولكن ما حيلتي اذا كانوا هكذا تماماً. لم آت للتجميل بل كي أرى جميلاً. جئت مندداً بالسوء لا لأزيد منه. شأني شأن تلك الطفلة، لقد بسطتُ لوحاتي على طريق الحياة. توقفوا لحظة، تأملوا العالم وأنا لا أزال مبتسماً:
- لا بأس. يمكن إعادة رسمها جميعاً من جديد. نطق ذلك في صوت مسموع، وقد أعاده صوته الى وعيه فخرج من محترفه منادياً ابنه بأن يساعده في جمع شتات لوحاته.
صعدت مجموعة من الشبان في صحبة الفنان العجوز المسافر الى بحيرة أرارات. كل إنسان فذٌّ بجماله وقدره.
كان وادي ارارات المشمس ينداح أمامه، وفوقه تشهق قمتا ارارات الكبيرة والصغيرة. اختار اللون الأول من لوحة الألوان، اللون الرئيسي الذي سيظلل به لوحته، ووضعه على اللوحة بحذر. تراجع قليلاً، نظر الى ارارات ثم وجّه نظره الى لوحة الرسم، وباشر الرسم وهو يردد أنغاما بصوت غير مسموع.
كانت قمة ارارات تبدو انصع بياضاً في السماء الزرقاء، والأشعة الوردية تنسكب على سفحه، والخضرة والشفافة تزهو أمام العيان، أما الشمس فكانت تنشر تبرها على البساتين. وكانت الحياة تدبّ في وادي ارارات على اللوحة المظلّلة بالأزرق والأشعة البرتقالية، وبعيداً، في الأفق الظليل، تلوح طريق تشبه الدخان.
نهض الفنان، نظر الى ارارات ثم الى اللوحة، ولسبب ما تذكّر الطفلة التي كانت ترسم على الرصيف بالطباشير، ثم تذكّر المارة الذين داسوا اللوحات المرسومة بالطباشير، وكرّر في داخله: لا بأس يمكن إعادة رسمها جميعاً من جديد. سأرسمكِ، أيتها الطفلة، وأنت تلعبين في الشارع.
اقبل الغسق. أغلق الفنان منصته، تناول اللوحة بيده وسار منحدراً. لاح رأسه الشائب مع حلول الليل كأنه قدر رُسم بالطباشير. أمسى الظلام دامساً بحيث لم يعد يرى الطريق. سار على مهل وهو يردد: لا بأس، يمكن إعادة رسمها جميعاً من جديد.


أشياء غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-03-2008, 01:13 AM   رقم المشاركة : [10]
أشياء
نائمة !
الصورة الرمزية أشياء
 

أشياء is an unknown quantity at this point




لا تضيقي أيتها الأرض..
حسين حبش*
* شاعر سوري مُقيم في ألمانيا




لا تضيقي أيتها الأرض،
لا تضيقي..
كي لا تخمد جمرات الأقدام في رعشة العصيان
والقلق ومزاياهما المتوثبة من فوق المعالم الرصينة
والمأهولة بالجمود والخوف وعظام الحكمة الثقيلة.
لا تَدَعَي البلادة تهيمن على ملكوت الخيال المرفرف
في جموح الصدفة ودهاء الفتنة
ومهاوي الإعجاز.
لا تصمتي كي لا يذوب الطوفان ويطغى
بوحوله الضارية على الأجرام الضالة
في محراب النفس وفي العيون
المُرصَّعة بسحر الرعشات الدفينة في أعماق الروح.

لا تؤكدي شيئاً لسبايا البطش وقرونها الرجيمة
ولا توقفي إيغال الهياكل في التآمر
على عتمة القبور والمهالك.
لا تتوكلي على أحدٍ، على ولائم مشرفة
على الخسوف والابتذال،
لا تسندي رغباتك على أجساد خراف
تودُّ أن تصوغ من صوفها مقترحات لأجساد الطغاة.

لا تفشي سر وجودك،
سر مفاتيحك..
مفاتيح حصونك،
لكن دعي الأبواب مواربة لشهوات الريح وخلجات الشهقة
وهواء عشاق لا يسدلون ظلَّ الحسرة على اندلاع الشياطين
المتوفزة من تحت آباطهم في سكرات الحب ومسرات الشغف.

لا تحزني لأنك أمُّ الدهشة، تراوغك بشائر الماء
وتغويك المباهج وتشتعل بك الأيائل الضالعة في اللهب والفداحة.
تواصلي مع المزامير في سعيها الرهيف
لإيقاد زمرد العشق على ثغور تتراقص هفهافة
وتنشد مزيداً من الرنين الذي يشدُّ دبيب الظن
إلى قوس الأفق والسماوات المستلقية بأمان على فم القصب.

لا تيأسي..
ها هي الأعجوبة تواكب قراءة طالعك وتستفتي لقلبك حدوس الأشجار
ثم تسمي لرأسك قبعة من الهندباء ورتلاً من السحب النحيلة
التي تنزل الهوينى إلى خضم أعماقك المتموجة
والمتوجة بكل الاحتمالات..
لا تيأسي..
ها هي الأكاليل تكلل جياشنك باليسر والهدوء،
والحظوظ تهدهد رقدتك الممددة على بساط الأزل.
لا تيأسي...
انهضي،
فتماثيلك قد بلغت سن الرشد وحقيبتك امتلأت بترياق اللوعة
والشجن.
انهضي،
فالملكات يتقدمن وفي يدهن بخور لرأسك المبارك
وفي قلوبهن سطوع الحدائق..
ا
ن
هـ
ض
ي...

لا تتلجلجي فإنّ ضيوفك الغائبين ينبجسون من تضاريس المهابة،
يرتبون لك مزاج اللوعة ويرفدون دماثتك بالمثل الطيبة
ثم يوقدون أمامك الشجاعة بحفاوة تترنم
ببزوغ موغلٍ في مدارات لا يطالها الغبار
ولا هواء المراثي.

* * *
لا تضيقي..
كي لا تذرف السماء على الكُرد إلا المطر السابق لعداوته
و قليلاً من مغفرة الله الذي يختفي في سماواته السبع
كلما هبّت القيامة على أنفاسهم وعيونهم الشاخصة دائماً
إلى محبته ورضاه!

تعالي فإن مآل الخرائط الآن بين يدي الدسيسة
ومركونة تحت حدوات الخيول
والبوصلات تحملق في الجهات المشرفة على بلوغ الانتحار
أو هيمنة الذبول فوق قشرة الكون
الذي ينتظر العلاج في أقصى حالات العناية..

تعالي،
افسحي الطريق للجنادب، للضوء..
وفلول الرجال الآتين من مكائد الصمت والأغلال،
الرجال الذين يمزقون الآن بضراوة فهارس القهر
ونير السنوات الحدباء.
تعالي،
اجمعي شمل الزنابق وانفخي في ذيول العصافير لذة الطيران
قبل فوات الرغبات وانطلاق أعنة الخراب والدمار.
تعالي،
بللي براءة الأطفال برائحة الحليب والسُكَّر قبل أن تقترب الصاعقة
وتنشر ضحكات الموت الفاحشة على مأثرة الحياة...

* * *
لا تضيقي..
كي تتفتح قرائح الأشجار
وتهمّ بارزة في حضور خاطف على صدغ الأمكنة،
تختم تجوالها على بهارج الأزمنة اللامبالية
والمزركشة بالألوان الفاقعة،
مشكلة من براعمها تويجات فارعة في قلب
الذاكرة المزدهرة بالانحناء والميلان
وما تحتاجه من قدر يمور بالبلاغة
والغرائب التي لا تنام.

لا تمدي بساط العجز أمام المهالك الرهيبة ولا تركعي للغوغاء..
لا تركني وجعك على المآزق المبحوحة
والرفوف التي يعلوها صمت المكنسة
لا تقولي أفٍّ لبارقة الأمل ولا توقعي على صكوك النأي.
لأنك... وحدك تعلمين بسرِّ الغليان،
وحدك تفيضين بالزحام،
ووحدك تنبضين بصهيل الأرواح
وتصوغين لغات العصافير في الأغاني.

تقدمي فإن المزامير ترتكب نواياها الجميلة
وتسعى إلى رهافة الكائنات.
لا تخوم تحدُّ وهج قرابينها
ولا هوام يوقف اشتياق السحب
في أناشيدها الماطرة ودموعها المتألقة.

* * *
شهداء..
شهداء من برلين... إلى إربيل
إلى...


ش
هـ
د
ا
ء
رغم ذلك لا تضيقي أيتها الأرض..
لا تضييييييييييقي...


أشياء غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:24 PM.

..[ جميع الآراء والأفكار المطروحة تعبّر عن كاتبها , ونحن كـ إدارة نخلي مسؤوليتنا ]..

Powered by vBulletin® Version 3.6.7