قبل أن تتداخل حدود الأشياء والمفاهيم وتضطرب الرؤية
علينا أن نتفق على تعريف مبدئي للحرية
وكما يقول نزار قباني الحرية حركة فردية داخل دائرة الجماعة .. والجماعة قد تكون اسرة .. او قبيله .. او على نطاق اوسع ...
وهنا نجد انفسنا امام خط هندسي يحيط بدائرة وليس في الفراغ ..
فالبحر محدود بالشواطيء .. والريح محدوده بالجبال والطائرات محدوده بمدرجات الإقلاع والهبوط وكميات الوقود فيها
وهنا نستخلص ان الانسان محدود بمسؤوليات أيضاً ..
وإستعمال الحرية كمستحضرات التجميل أو كلبس القميص او الثوب لا يكون بدون مقاييس او ضوابط حتى لا تكون تلك
الحرية من النوع القاتل ..
وهنا الحرية لها جانبان متعادلان ..جانب يختص بنا .. والآخر يختص بالآخرين ..
وحين نفقد الجانب الآخر المتعلق بالآخرين تتحول الحرية إلى طغيان وقمع ..
أمهاتنا ولدتنا أحرارا بلا شك .. انما هن لم يلدننا في الغابة وانما في اطار منزل وعائلة شرعية ونظام اجتماعي ..
وغريزة الطمع في اعماق الانسان تتولد وتكبر لتأجج رغباته في القفز على حقوق الآخرين ومن هنا نجحت الانظمة
الإشتراكية في بلورة قاعده جميلة .. مصلحة الجماعة ثم مصلحة الفرد ..
بينما في الانظمه الليبرالية يتحول الفرد الى وحش كاسر لا يتورع عن أكل كل شيء ظناً منه ان الحرية الليبرالية تتيح له ان يمد ساقية على رقاب البشرية ليسحق من في الارض برأس ماله الخرافي ...
الحرية بحر واسع لاحدود ...فيه كل الرواد والمستكشفون
ونحن بالطبع نرفض الحرية التي ينادي بها سمك القرش .. لأنها تقوم أساساً على الجريمة .. والتشليح .. والمتاجره بلحوم الآخرين ..
اعتقد ان الحرية عند العرب عموما هي اننا نفترض انه لايوجد على ظهر الارض سوانا ...
حتى في قيادة سياراتنا نقودها على اساس ان البشر لم يخلقوا بعد ..ومصانع السيارات لم تنتج سوى سيارة واحده هي التي نركبها نحن .. لا يمكن ان نجعل من العالم املاكا خصوصية لنا بإسم الحرية ..
حتى النساء الجميلات نشتريهن او نغويهن لنحنطهن على جدران أنانيتنا ..
الحرية محصول حضاري ..لا يعرفه إلا المتحظرون ..
فالثعبان لا يعطى الحرية لأنه لا يحسن التصرف بها .. والذئب لا يمكن ان يدعي ايمانه بالحرية لأن تكوينه عدواني من الداخل ... وقاطع الطريق لا يجب ان يتكلم عن الحرية لأن غايته ان يغتال ويسلب المسافرين ..
والرجل الذي يقتل زوجته او ابنته او اخته بدافع الثأر للشرف في مجتمع العقد النفسية لا يمكن ان يقف امام المحكمه ليقول انه حر ..
فالحرية لا تعني التصريح بالقتل ..
كما ان كل من يمسك القلم لا يحق له ان سله ويشهره في وجه كل الآراء والمعتقدات لمجرد انه يقدر على الكتابه
هذه ليست حرية .. انما صبيانية متعجرفة وغبية ..
تلك الاقلام التي تتاجر بالكلمة وتبيعها في اسواق النخاسه بدعوى الحرية
الكتابة على رأي الراحل نزار قباني ..
ميثاق شرف ثلاثي بين الكاتب وضميره وبين من يقرأونه ..
وكل خيانة لذلك الميثاق تسقط الشرف للكاتب والكتابة معاً